تعالوا بنا إلى يوم من حياة المؤمن على وفق هدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنَّ للقبول شرطين : الإخلاص ، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا زمان الفضائل فمستقل ومستكثر ، فيا باغي خير ليلة القدر أقبل ، واجعل لنفسك وردًا للمحاسبة ، وطالع النيات التي مع كل عمل لتحتسبها ليعظم أجرك ، اكتب هذه النقاط في سجل خاص بك ، وحاسب نفسك على النقير والقطمير ، وكفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا .(1) مع أذان المغرب فمع التكبيرة الأولى لأذان المغرب من ليلة الحادي والعشرين من رمضان ليكن شغلك الشاغل وسؤالك الدائم الدائر في أعماق قلبك :
كيف أشكر هذه النعمة ؟
واحتسب : إجابة الدعاء فإنها لحظات تُستجاب فيها الدعوات ، فلا تغفل في هذه اللحظة ، بل الهج بالدعاء والذكر ، فإنَّها لحظة العتق فلتُعمل قلبك ولسانك ، وألح في الدعاء أن يعتق الله رقبتك في هذه الليلة ، وهكذا كل ليلة .
(2) وعليك أن تشتري تمرًا لتفطر عليه كما هي السنة ، وفطِّر الصائمين – سواء أكنتَ معتكفًا أم لا - أو اسعَ في سقاية أهل المسجد .
واحتسب : أجر هؤلاء الصائمين في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى .
فأفطر وتعجل فإنَّها السنَّة ، وفيها مخالفة للمغضوب عليهم
ولا تنس أن تقول ] ذهب الظمأ ، و ابتلت العروق ، و ثبت الأجر إن شاء الله [ كان ما كان النبي صلى الله عليه و سلميفعل [ رواه أبو داود وحسنه الألباني (4678) في صحيح الجامع ]
(3) ومع الأذان لا تنس َ أن تردد كلمات الأذان ، وقل : و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ، رضيت بالله ربا ، و بمحمد رسولا ، و بالإسلام دينا ، ثمَّ صلَّ على النبي محمد وسل الله له الوسيلة .
واحتسب بهذه الكلمات : أن تكون سببًا في دخولك الجنة ، ومغفرة ما تقدم من ذنبك ، وشفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
(4) وبعدها يشرع لك الدعاء فإنّه وقت للإجابة ، ويا حبذا أن تدرك الأذان في المسجد ، واحتسب – أيها المعتكف – ذلك الخير كصنيع سلفنا الصالح ، فهذا سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ يخبر عن نفسه أنَّه ما ترك صلاة جماعة في المسجد أكثر من أربعين سنة يدرك الآذان مع المؤذن
(5) وعليك أن تكون قد تهيأت للصلاة : وأول ذلك الوضوء – إن لم تكن متوضئًا – والأفضل أن تفعل هذا قبل أذان المغرب
فتوضأ ، واجعل هذا المعنى يجول بقلبك : اللهم يا من تطهر الأبدان بالماء ، طهر قلبي بالتوبة من الذنوب والآثام ، فإذا فرغت من الوضوء فقل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أنَّ محمدًا عبدُه و رسولُه
واحتسب بذلك : تناثر السيئات من أعضاء الوضوء فيا ليتها تُنثر آثارها من القلوب ، وتحصيل نصف الإيمان ، وتكفير الخطايا والسيئات ، وأن تكون من أهل الإيمان بالمحافظة عليه ،
وأنَّها أعضاء الوضوء ستكون غرة لك يوم القيامة .
(6) ولا تغفل عن السواك فإنَّه من الأسباب لرضا الرحمن ، ووصية النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم : ] السواك مطهرة للفم مرضاة للرب [[ رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحيهما وصححه الألباني (209) في صحيح الترغيب ]
قال صلى الله عليه وسلم :] لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك [
[ رواه أحمد ، وقال الألباني : حسن صحيح (200) في صحيح الترغيب ]
7) وقل بعد الفراغ منه :أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أنَّ محمدًا عبدُه و رسولُه ، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
واحتسب : أن تكون قد أتيت بسبب لفتح أبواب الجنة الثمانية ، ومنحة عظيمة مدخرة ليوم المعاد
8 التوجه للمسجد لأداء صلاة المغرب في أول الوقت .ثمَّ توجه إلى المسجد - إن لم تكن معتكفًا أو قد خرجت له ، وانتظرت الصلاة فيه – ولا تنسَ ذكر الخروج : " بسم الله ، توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله "
واحتسب : الهداية والوقاية وابتعاد الشيطان عنك .
(9) وأبشر بالغنيمة الباردة ، فاحتسب هذه الخطوات فإنَّها عظيمة الأجر ؛ فلك بكل خطوة حسنة ومحو سيئة ، وأجر صدقة ، وأجر الرباط في سبيل الله ، ولك أن تعرف أنَّ رباط شهر خير من صيام دهر ، واحتسب أنَّك منذ خرجت من بيتك فأنت في صلاة حتى ترجع ، فاحتسب كل ثانية من هذا الوقت في ميزان حسناتك ، وأبشر بالنور التام يوم القيامة يا من تمشي في ظلام الليل إلى المساجد ، واعلم أنَّ هذه الخطوات سبب من أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة ، وخروجك من الذنوب كيوم ولدتك أمك ، وأعد الله لك في كل مرة تذهب إلى المسجد منزلاً في الجنة ، وكنت في ضمان الله وحفظه .
وخذها هدية – ولا تنس الدعاء لي بعدها –
فاحتسب في ذهابك للصلاة المكتوبة أجر حجة .قال صلى الله عليه وسلم : ] من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة [[ أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني (6556) ]
(10) ثمَّ إذا دخلت المسجد فلا تنس ذكر الدخول : قال صلى الله عليه وسلم : ] إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك [ [ رواه أبو داود وصححه الألباني (515) في صحيح الجامع ]
واستحضر أنَّك ما أتيت هذه الصلاة إلا ابتغاء رضوان الله ، وأبشر بفرح الله بك ، ولن تعدم من ربٍ يضحك ويفرح خيرًا .
قال صلى الله عليه وسلم : ] لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه فيسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة إلا تبشش الله إليه كما يتبشش أهل الغائب بطلعته [[ رواه ابن خزيمة وصححه الألباني (303) في صحيح الترغيب ]
فأنت الآن ضيف في بيت الله ، فأبشر بالكرم والجود الإلهي السابغ .
واحتسب : أن تكون في ظل عرش الرحمن يوم الحشر حين تدنو الشمس من الرؤوس ويلجم العرق النَّاس إلجامًا ، ويعانون من شدة الحر ما لا يوصف .
وانوِ الاعتكاف الجزئي في المسجد ، لتنال شيئًا من فضل الاعتكاف في المساجد – إن لم تكن معتكفًا -
11) ثمَّ صلِّ ركعتين ، لعلها تكون سبب غفران الذنوب المتقدمة ، ودخولك الجنة ، ومرافقة الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه .
ولك في كل صلاة نافلة أن تحتسب ما يلي :(أ) القرب من الله تعالى . قال تعالى : ] وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ[[ العلق : 19] فكلَّما سجدت أكثر كان قربك من الله أكثر وصرت عن الدنايا أعلى ، ولك دعوة مستجابة .
(ب) مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة . فقد قال صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب رضى الله عنه لمَّا سأله مرافقته في الجنة ] أعني على نفسك بكثرة السجود [[رواه مسلم ]
(ج) تكفير الخطايا ورفعة الدرجات عند الله تعالى . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ : ] عليك بكثرة السجود لله ، فإنَّك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ، وحطَّ عنك بها خطيئة [[ رواه مسلم ]
وأبشر : فقد قالصلى الله عليه وسلم: ] ـ فإن هو قام فحمد الله وأثنى عليه ومجَّده بالذي هو له أهل ، وفرَّغ قلبه لله تعالى إلا انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه [[ رواه مسلم ]
فلعلك ترزق صلاة ذات خشوع وخضوع تفرغ فيها قلبك لله تعالى ، فتخرج من ذنوبك كلها .
(12) وانتظر الصلاة ، واحتسب في جلوسك في المسجد : استنزال الرحمة والمغفرة ، وأنَّك في صلاة ما انتظرت الصلاة ، و أن تكون في صحبة الملائكة ورفقة الصالحين ، ولعل الله يكتبك في عباده المتقين بذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : ] المسجد بيت كل تقي [[ رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وحسنه الألباني (330) في صحيح الترغيب ]
(13) عليك أن تُشغل هذا الوقت بالاستغفار والدعاء والذكر ، أو بقراءة شيء من القرآن ، و الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب
للموضوع تكملة
لي عوودة ترقبونا
وكتبه :
فضيله الشيخ: هاني حلمي ..حفظه الله
دمتم بحفظ الرحمن